تبدو قبضة الرئيس السوري، بشار الأسد، على السلطة أقل شدة مما تشير إليه تأكيداته بتحقيق النصر، في الوقت الذي ترفض فيه الولايات المتحدة طلبه إقامة شراكة معه، وإلحاق مقاتلي «داعش» الهزائم بقواته، وظهور مؤشرات على زيادة الاستياء بين طائفته العلوية.
في صورة بعيدة تماما عن كونه لا يقهر، يتعرض الرجل الذي حمّل الإرهابيين مسؤولية الثورة التي اندلعت ضده لخطر أن يصبح الرئيس الذي ازدهر هؤلاء الإرهابيون تحت نظره، وفي الوقت ذاته لا يستطيع فعل أي شيء لإيقافهم – فيما يشبه كثيرا تحميل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية سقوط مدينة الموصل العراقية.
ولا يبدو أن هذا التحول وصل إدراكه إلى الأسد، الذي يظل واثقا، على حد قول مؤيديه، بأن الولايات المتحدة وحلفاءها سيكونون مجبرين قريبا على السعي إلى شراكته في تحالف دولي ضد الإرهاب.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس أوباما استراتيجيته في مواجهة تنظيم «داعش» في خطاب سيضع الأولوية للعراق، فيما يبدو أنه تأجيل آخر لأي جهود لمواجهة الفوضى التي سقطت فيها الحرب السورية وترك الأسد فترة في المستقبل القريب.
لا يشكل أي من مقاتلي «داعش» المتمركزين في شمال البلاد وشرقها، ولا الثوار الأكثر اعتدالا المدعومون من الغرب، أي تهديد عسكري مباشر على قبضة الأسد على السلطة. كذلك، لا تبدي أي من إيران أو روسيا إشارات على تذبذب الدعم الذي تقدمانه إلى نظامه.
ولكن، هناك أيضا إدراك متنام في واشنطن والعواصم المتحالفة معها أن المكاسب التي حققها المسلحون تتطلب، حسبما يقول المسؤولون والدبلوماسيون، نهجا شاملا لمعالجة المظالم التي دفعتهم إلى الظهور، وذلك لإعادة التركيز على دور الأسد في القمع الوحشي للثورة السنية التي قامت ضد حكمه.
وفي الأسابيع التي تلت ادعاء الأسد الانتصار على أعدائه بعد فوزه في الانتخابات التي خضعت لسيطرة صارمة، يبدو تباهيه أكثر اهتزازا وربما يؤدي أسلوبه إلى حدوث نتائج عكسية.
وتشير الهزائم المخزية المتوالية التي لحقت بالجيش السوري في محافظة الرقة بشمال شرقي سوريا الشهر الماضي إلى أن الأسد، مثل كثيرين في المنطقة وما وراءها، استخفوا بقوة التنظيم المنشق عن «القاعدة». وكانت الحكومة السورية امتنعت عن مواجهة تنظيم «داعش» طوال فترة صعوده الذي امتد عاما كاملا، وهو ما عزز من القول بأن الإرهاب هو البديل الوحيد، وفقا لسوريين يتحدثون بانتظام مع أعضاء في النظام السوري. كانت القواعد الثلاث التي فقدا في القتال ذات قيمة استراتيجية قليلة، ولكن تسبب أسلوب الهزيمة في صدمة مؤيدي الأسد. جرى سحب عشرات من الجنود المأسورين من إحدى القواعد عبر الصحراء وهم يرتدون ملابسهم الداخلية قبل أن يجري إطلاق النار عليهم. وجرى قطع رؤوس 50 ضابطا من قاعدة أخرى، ووضع رؤوسهم على أعمدة وإلقاء أجسادهم الممثل بها في شوارع الرقة ليدوس عليها المارة بأقدامهم ويصوروها بهواتفهم الجوالة، كما ظهر في مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب».
أثارت صور الجنود السوريين المأسورين حالة نادرة من الغضب بين أفراد الطائفة العلوية التي تمثل أقلية ينتمي إليها الأسد - وكان الغضب يستهدف الأسد بقدر ما استهدف المجرمين.
وخرجت صفحات كثيرة على موقع «فيسبوك» معربة عن سخط العلويين على الأسد، غالبا بسبب عدم صرامته مع معارضيه. وجرى اعتقال 5 علويين بسبب تورطهم في المعارضة، ولكن استمرت الصفحات في العمل.
تركز إحدى هذه الصفحات، التي تحمل عنوان «أين هم؟»، على العلويين المفقودين أثناء الحرب، ويتهم النظام بعدم بذل كثير من الجهود لمعرفة أماكنهم.
ذكر أحد المنشورات على الصفحة موجها حديثه إلى الأسد: «لن نتاجر بدمنا بعد الآن لكي تحافظ على مقعدك الصدئ. لا يمكنك أن تكمم أفواهنا. لقد سئمنا».
يقول جوشوا لاديس، أستاذ التاريخ فبجامعة أوكلاهوما، إن العلويين لا يوشكون على الانضمام إلى المعارضة التي يسودها السنة ولا يجدون في المقابل بديلا واضحا للنظام الحالي.
وأضاف قائلا: «هناك مشاعر غضب كبير. كانت المجازر التي ارتكبت في الرقة مخزية ومحزنة. ولكنها لا تعادل انهيار النظام وليست ثورة علوية».
ولكن، تؤكد تلك الشكاوى وجود وعي متنام بالمشكلة التي وجد العلويون أنهم متورطون في ها في الوقت الذي تستمر فيه الحرب. بعد أن دعموا الأسد بثبات طوال فترة الثورة، لم يعد لديهم الآن خيار سوى الوقوف إلى جانبه أو المخاطرة بالتعرض للإبادة على يد قوة سنية أكثر تطرفا، ترى أن عقيدتهم وثنية. وقال لانديس إن مصير الإيزيديين في العراق يلقي بظلاله عليهم.
ولكن، دفع العلويون ثمنا باهظا من دمائهم بسبب ولائهم، ولا يجدون الآن نهاية للحرب التي أكد الأسد انتصاره فيها. قتل 110 آلاف فرد على الأقل من القوات الأمنية والميليشيات المحلية التي أنشئت لدعم العلويين منذ اندلاع الثورة، ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقع مقره في لندن، كان عدد غير متكافئ منهم من العلويين.
تمثل الطائفة التي تعد أقلية، وهي أحد الفروع البعيدة من المذهب الشيعي وتسكن في الجبال الواقعة على طول الساحل الشمالي الشرقي في سوريا، من 10 إلى 12 في المائة من تعداد السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة قبل بداية الحرب. وإذا كانت أرقام الضحايا المعلنة حقيقية، فسيشبه الأمر فقدان أميركا 9 ملايين من رجالها.
لا توجد عائلة لم تفقد أحد أفرادها، بل فقدت بعض العائلات أكثر من فرد. وتصطف في البلدات والقرى صور القتلى. وفي الجنازات، التي تجري يوميا، تنتشر المواجهات الغاضبة بين مسؤولي الحكومة والأقارب المكلومين، وفقا لما ذكره ماهر إسبر، الناشط المقيم ببيروت والمهتم بالأقلية الشيعية السورية.
وأضاف قائلا: «يوجد شعور باليأس. يخبرهم النظام بأنه يحقق انتصارا، ولكننا على النقيض ننزلق إلى وضع أسوأ لا يحمل أي مؤشرات على وجود ضوء في نهاية النفق».
تلقي مخاوف العائلات ضوءا جديدا على واقع يخيم على نظام الأسد، حيث إن الحرب، التي لا توشك على التوقف، تبدو متجهة فقط إلى مرحلة جديدة قد تكون أكثر خطورة.
بعد ثلاث سنوات من القتال، يعاني الجيش الاستنزاف والإنهاك. ويدين الأسد لميليشيات محلية تلقت تدريبا وحصلت على تمويل من إيران، ولـ«حزب الله» اللبناني، ولمعظم الانتصارات المهمة التي حققتها حكومته. وقد عادت كثير من الميليشيات الشيعية العراقية التي ساعدته من أجل محاربة المتطرفين السنة على أراضيها.
تواصل الحكومة جهودها في قمع التمرد بقصف التجمعات المناوئة لها من على بعد، مما يؤجج المظالم التي أتاحت الفرصة لانتشار وازدهار التطرف.
وحتى إذا رغبت الولايات المتحدة في إقامة شراكة مع الأسد من أجل هزيمة المتطرفين، يقول جيف وايت من معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى: «ليس من الواضح ما الذي قد يطرحه على مائدة المفاوضات». وأضاف قائلا: «إن ما نراه الآن هو التدهور الشامل وغير المتكافئ للقوات العسكرية النظامية. إنهم يفقدون قدراتهم شيئا فشيئا مع مرور الوقت».
وذلك أحد أسباب الحرص السوري على الانضمام إلى القوات مع الولايات المتحدة في التحالف الدولي الذي يسعى الرئيس أوباما إلى تشكيله لمواجهة تنظيم «داعش».
جرى اعتماد استراتيجية جديدة تنوي الحكومة بموجبها تركيز جهودها على استعادة المناطق التي يمكنها السيطرة عليها فقط، وفقا لسالم زهران، الذي يدير مؤسسة إعلامية حكومية ويتقابل بصورة دورية مع أعضاء من النظام. وأضاف أنه في الوقت ذاته تعول الحكومة على الدعم الأميركي لمساعدتها في نهاية المطاف على استعادة المناطق التي لا يمكنها الدفاع عنها داخل البلاد.
وتوقع قائلا: «ستكون هناك مرحلة ثانية من الاستراتيجية، في مدينة الرقة، التي ستجري بالتعاون مع الولايات المتحدة».
ولكن، أشار الرئيس أوباما إلى أنه ليست لديه النية لإقامة شراكة مع الأسد، مؤكدا بدلا من ذلك الحاجة إلى زيادة دعم الثوار المعتدلين في سوريا، حيث صرح للصحافيين في نهاية الشهر الماضي قائلا: «لا أرى أي سيناريو يمكن فيه للأسد، بصورة ما، أن يكون قادرا على تحقيق السلام والاستقرار في منطقة ذات أغلبية سنية وهو لم يظهر حتى الآن أي استعداد لتقاسم السلطة معهم».
يقول دبلوماسيون غربيون إن أكبر نقاش سياسي حالي لا يدور حول إمكانية التعاون مع الرئيس السوري، ولكن يدور حول كيفية زيادة الضغط عليه من أجل تقديم تنازلات في وقت يعتقد فيه أنه أصبح لا غنى عنه.
ويشعر الأسد، رغم ذلك، بأنه في موقف أقوى من أي وقت مضى، خصوصا أن صعود «داعش» قد أثبت للعالم أنه كان على حق بشأن التهديد الذي يشكله الإرهابيون، على حد قول زهران.
وأضاف: «يعتقد النظام أن ما يقوله أوباما للاستهلاك الإعلامي فحسب. فبعد دعوته لإسقاط النظام الإجرامي، لا يمكنه التحول بالكامل والتعاون مع الأسد. ولكنه سيفعل بمرور الوقت. لن يكون لديه خيار آخر».
في صورة بعيدة تماما عن كونه لا يقهر، يتعرض الرجل الذي حمّل الإرهابيين مسؤولية الثورة التي اندلعت ضده لخطر أن يصبح الرئيس الذي ازدهر هؤلاء الإرهابيون تحت نظره، وفي الوقت ذاته لا يستطيع فعل أي شيء لإيقافهم – فيما يشبه كثيرا تحميل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية سقوط مدينة الموصل العراقية.
ولا يبدو أن هذا التحول وصل إدراكه إلى الأسد، الذي يظل واثقا، على حد قول مؤيديه، بأن الولايات المتحدة وحلفاءها سيكونون مجبرين قريبا على السعي إلى شراكته في تحالف دولي ضد الإرهاب.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس أوباما استراتيجيته في مواجهة تنظيم «داعش» في خطاب سيضع الأولوية للعراق، فيما يبدو أنه تأجيل آخر لأي جهود لمواجهة الفوضى التي سقطت فيها الحرب السورية وترك الأسد فترة في المستقبل القريب.
لا يشكل أي من مقاتلي «داعش» المتمركزين في شمال البلاد وشرقها، ولا الثوار الأكثر اعتدالا المدعومون من الغرب، أي تهديد عسكري مباشر على قبضة الأسد على السلطة. كذلك، لا تبدي أي من إيران أو روسيا إشارات على تذبذب الدعم الذي تقدمانه إلى نظامه.
ولكن، هناك أيضا إدراك متنام في واشنطن والعواصم المتحالفة معها أن المكاسب التي حققها المسلحون تتطلب، حسبما يقول المسؤولون والدبلوماسيون، نهجا شاملا لمعالجة المظالم التي دفعتهم إلى الظهور، وذلك لإعادة التركيز على دور الأسد في القمع الوحشي للثورة السنية التي قامت ضد حكمه.
وفي الأسابيع التي تلت ادعاء الأسد الانتصار على أعدائه بعد فوزه في الانتخابات التي خضعت لسيطرة صارمة، يبدو تباهيه أكثر اهتزازا وربما يؤدي أسلوبه إلى حدوث نتائج عكسية.
وتشير الهزائم المخزية المتوالية التي لحقت بالجيش السوري في محافظة الرقة بشمال شرقي سوريا الشهر الماضي إلى أن الأسد، مثل كثيرين في المنطقة وما وراءها، استخفوا بقوة التنظيم المنشق عن «القاعدة». وكانت الحكومة السورية امتنعت عن مواجهة تنظيم «داعش» طوال فترة صعوده الذي امتد عاما كاملا، وهو ما عزز من القول بأن الإرهاب هو البديل الوحيد، وفقا لسوريين يتحدثون بانتظام مع أعضاء في النظام السوري. كانت القواعد الثلاث التي فقدا في القتال ذات قيمة استراتيجية قليلة، ولكن تسبب أسلوب الهزيمة في صدمة مؤيدي الأسد. جرى سحب عشرات من الجنود المأسورين من إحدى القواعد عبر الصحراء وهم يرتدون ملابسهم الداخلية قبل أن يجري إطلاق النار عليهم. وجرى قطع رؤوس 50 ضابطا من قاعدة أخرى، ووضع رؤوسهم على أعمدة وإلقاء أجسادهم الممثل بها في شوارع الرقة ليدوس عليها المارة بأقدامهم ويصوروها بهواتفهم الجوالة، كما ظهر في مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب».
أثارت صور الجنود السوريين المأسورين حالة نادرة من الغضب بين أفراد الطائفة العلوية التي تمثل أقلية ينتمي إليها الأسد - وكان الغضب يستهدف الأسد بقدر ما استهدف المجرمين.
وخرجت صفحات كثيرة على موقع «فيسبوك» معربة عن سخط العلويين على الأسد، غالبا بسبب عدم صرامته مع معارضيه. وجرى اعتقال 5 علويين بسبب تورطهم في المعارضة، ولكن استمرت الصفحات في العمل.
تركز إحدى هذه الصفحات، التي تحمل عنوان «أين هم؟»، على العلويين المفقودين أثناء الحرب، ويتهم النظام بعدم بذل كثير من الجهود لمعرفة أماكنهم.
ذكر أحد المنشورات على الصفحة موجها حديثه إلى الأسد: «لن نتاجر بدمنا بعد الآن لكي تحافظ على مقعدك الصدئ. لا يمكنك أن تكمم أفواهنا. لقد سئمنا».
يقول جوشوا لاديس، أستاذ التاريخ فبجامعة أوكلاهوما، إن العلويين لا يوشكون على الانضمام إلى المعارضة التي يسودها السنة ولا يجدون في المقابل بديلا واضحا للنظام الحالي.
وأضاف قائلا: «هناك مشاعر غضب كبير. كانت المجازر التي ارتكبت في الرقة مخزية ومحزنة. ولكنها لا تعادل انهيار النظام وليست ثورة علوية».
ولكن، تؤكد تلك الشكاوى وجود وعي متنام بالمشكلة التي وجد العلويون أنهم متورطون في ها في الوقت الذي تستمر فيه الحرب. بعد أن دعموا الأسد بثبات طوال فترة الثورة، لم يعد لديهم الآن خيار سوى الوقوف إلى جانبه أو المخاطرة بالتعرض للإبادة على يد قوة سنية أكثر تطرفا، ترى أن عقيدتهم وثنية. وقال لانديس إن مصير الإيزيديين في العراق يلقي بظلاله عليهم.
ولكن، دفع العلويون ثمنا باهظا من دمائهم بسبب ولائهم، ولا يجدون الآن نهاية للحرب التي أكد الأسد انتصاره فيها. قتل 110 آلاف فرد على الأقل من القوات الأمنية والميليشيات المحلية التي أنشئت لدعم العلويين منذ اندلاع الثورة، ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقع مقره في لندن، كان عدد غير متكافئ منهم من العلويين.
تمثل الطائفة التي تعد أقلية، وهي أحد الفروع البعيدة من المذهب الشيعي وتسكن في الجبال الواقعة على طول الساحل الشمالي الشرقي في سوريا، من 10 إلى 12 في المائة من تعداد السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة قبل بداية الحرب. وإذا كانت أرقام الضحايا المعلنة حقيقية، فسيشبه الأمر فقدان أميركا 9 ملايين من رجالها.
لا توجد عائلة لم تفقد أحد أفرادها، بل فقدت بعض العائلات أكثر من فرد. وتصطف في البلدات والقرى صور القتلى. وفي الجنازات، التي تجري يوميا، تنتشر المواجهات الغاضبة بين مسؤولي الحكومة والأقارب المكلومين، وفقا لما ذكره ماهر إسبر، الناشط المقيم ببيروت والمهتم بالأقلية الشيعية السورية.
وأضاف قائلا: «يوجد شعور باليأس. يخبرهم النظام بأنه يحقق انتصارا، ولكننا على النقيض ننزلق إلى وضع أسوأ لا يحمل أي مؤشرات على وجود ضوء في نهاية النفق».
تلقي مخاوف العائلات ضوءا جديدا على واقع يخيم على نظام الأسد، حيث إن الحرب، التي لا توشك على التوقف، تبدو متجهة فقط إلى مرحلة جديدة قد تكون أكثر خطورة.
بعد ثلاث سنوات من القتال، يعاني الجيش الاستنزاف والإنهاك. ويدين الأسد لميليشيات محلية تلقت تدريبا وحصلت على تمويل من إيران، ولـ«حزب الله» اللبناني، ولمعظم الانتصارات المهمة التي حققتها حكومته. وقد عادت كثير من الميليشيات الشيعية العراقية التي ساعدته من أجل محاربة المتطرفين السنة على أراضيها.
تواصل الحكومة جهودها في قمع التمرد بقصف التجمعات المناوئة لها من على بعد، مما يؤجج المظالم التي أتاحت الفرصة لانتشار وازدهار التطرف.
وحتى إذا رغبت الولايات المتحدة في إقامة شراكة مع الأسد من أجل هزيمة المتطرفين، يقول جيف وايت من معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى: «ليس من الواضح ما الذي قد يطرحه على مائدة المفاوضات». وأضاف قائلا: «إن ما نراه الآن هو التدهور الشامل وغير المتكافئ للقوات العسكرية النظامية. إنهم يفقدون قدراتهم شيئا فشيئا مع مرور الوقت».
وذلك أحد أسباب الحرص السوري على الانضمام إلى القوات مع الولايات المتحدة في التحالف الدولي الذي يسعى الرئيس أوباما إلى تشكيله لمواجهة تنظيم «داعش».
جرى اعتماد استراتيجية جديدة تنوي الحكومة بموجبها تركيز جهودها على استعادة المناطق التي يمكنها السيطرة عليها فقط، وفقا لسالم زهران، الذي يدير مؤسسة إعلامية حكومية ويتقابل بصورة دورية مع أعضاء من النظام. وأضاف أنه في الوقت ذاته تعول الحكومة على الدعم الأميركي لمساعدتها في نهاية المطاف على استعادة المناطق التي لا يمكنها الدفاع عنها داخل البلاد.
وتوقع قائلا: «ستكون هناك مرحلة ثانية من الاستراتيجية، في مدينة الرقة، التي ستجري بالتعاون مع الولايات المتحدة».
ولكن، أشار الرئيس أوباما إلى أنه ليست لديه النية لإقامة شراكة مع الأسد، مؤكدا بدلا من ذلك الحاجة إلى زيادة دعم الثوار المعتدلين في سوريا، حيث صرح للصحافيين في نهاية الشهر الماضي قائلا: «لا أرى أي سيناريو يمكن فيه للأسد، بصورة ما، أن يكون قادرا على تحقيق السلام والاستقرار في منطقة ذات أغلبية سنية وهو لم يظهر حتى الآن أي استعداد لتقاسم السلطة معهم».
يقول دبلوماسيون غربيون إن أكبر نقاش سياسي حالي لا يدور حول إمكانية التعاون مع الرئيس السوري، ولكن يدور حول كيفية زيادة الضغط عليه من أجل تقديم تنازلات في وقت يعتقد فيه أنه أصبح لا غنى عنه.
ويشعر الأسد، رغم ذلك، بأنه في موقف أقوى من أي وقت مضى، خصوصا أن صعود «داعش» قد أثبت للعالم أنه كان على حق بشأن التهديد الذي يشكله الإرهابيون، على حد قول زهران.
وأضاف: «يعتقد النظام أن ما يقوله أوباما للاستهلاك الإعلامي فحسب. فبعد دعوته لإسقاط النظام الإجرامي، لا يمكنه التحول بالكامل والتعاون مع الأسد. ولكنه سيفعل بمرور الوقت. لن يكون لديه خيار آخر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق